لولا ذاك الضلع المسكور لما كسّرت أضلاع في كربلاء ولولا ذاك الخد الملطوم لما ترّب خد الحسين , فاطمة سيدّة نساء العالمين تظلم بعد أبيها والأرجاس الذين قتلوا سيّد الشهداء ما هم الا امتداد للأرجاس الأنجاس الذين قتلوا فاطمة الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام .
ان يوم عاشوراء يستبطن قراءات متعددة ومن هذه القراءات العميقة هي كيفيّة تبيان طريق الله سبحانه وتعالى وتضاده مع طريق الشيطان فتحليل الأحداث التي جرت على الأنبياء والمرسلين والأولياء والأوصياء والصالحين ما هو الا شاهد على هذا التضاد الأبدي , فمن حارب نبي الله آدم عليه السلام هو نفسه من حارب نوح و ابراهيم وموسى وعيسى عليهم وعلى آلهم السلام وهو نفسه من يحارب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين .
ان نهضة الامام الحسين عليه السلام أحدثت صدمة في المجتمع الاسلامي والانساني فهي تمثّل الحق بأجلى صوره ومن حارب الامام يمثّل الباطل بكل ما تحمله الكلمة من معنى , الامام علّم العالم كيف تكون الثورة على الظلم والطغيان والاستبداد بتثبيت مبادئ سامية فالغدر الذي لاقاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن حوله أصبح مثالا بل معلما من معالم الاسلام وكسر هذا المعلم يكون بثورة جامعة مانعة تثبت أركان الحق وتدفن هذا المعلم الى غير رجعة .
عندما تستقرأ التاريخ الاسلامي تجد أن المنافقين أخذوا منصب الصالحين وأصبحوا يتكلمون مكانهم فمن ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المغتسل وذهب الى سقيفة بائسة هو نفسه من قال أنا خليفة رسول الله ؟! ومن هرب من الحروب واحدة بعد أخرى هو نفسه من قال الكلمة الآنفة , ومن خرج من خيبر ( يجبّن أصحابه وهم يجبنونه ) صار خير الناس بعد الخاتم ! فمن كان المسلمون يقولون له يا جبان لماذا هربت ؟ يردّ عليهم أنتم جبناء لماذا هربتم ؟ هذا هو نفسه الذي أسس للغدر والعجيب أن الجبان لا يكون شجاعا بل لأنه حصل على التأييد من أصحاب الدنيا ونظر الى كثرت الأعوان على الباطل فتقمصها وهو يعلم أن الامام علي عليه السلام هو أقرب اليها ومحلّه محل القطب من الرحى منها.
هالة قدسية وضعت لهذا المخلوق باسم الدين وهو لا يعرف من الدين شئ سوى أنه صاحب المؤمنين ؟! وهل كل من صاحب مؤمنا صار مؤمنا ؟! وهل كل من صاحب وليا صار وليا ؟ فعلى نفس المنطق كل من صاحب الحمار صارا حمارا ! ان الصحبة بما هي هي لم ولن تكون فضيلة مالم تقترن بالتقوى وصاحبنا لم يعرف الى التقوى طريق بل اتخذ الغدر منهجا حياتيا يتعبّد به ناهيك عمّن كان يخلوا بشيطانه الذي قمّصه الخلافة بقوله لمن خالفه بالرأي " اقتلوا سعدا قتله الله " ؟!
هذا المخلوق رفض شهادة أمير المؤمنين عليه السلام بأحقيّة فاطمة الزهراء عليها السلام بأرض فدك , هو نفسه من أمر الأنجاس بأخذ الاقرار بالخلافة غصبا ! ولو كان ذلك بهتك حرمة الله سبحانه وتعالى لكن كل ذلك تم بشكل مبطّن وبشكل يبعث على الشبهات خصوصا مع الآلة الاعلاميّة التي شوّهت الحقائق .
أما هذا الآخر الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنك كبرت وخرّفت " انّه ليهجر " هو نفسه من جلس مكانه وقال أنا خليفة المسلمين ! هو نفسه من غصب فدك من فاطمة هو نفسه من أمر بالهجوم على بيت فاطمة هو نفسه من كسر ضلع السماء هو نفسه من انتهك حرمة الله سبحانه وتعالى وعندما قالوا له " انّ في البيت فاطمة " قال بكل وقاحة ( وإن ) ؟!
ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ولو أردنا أن نعد كفر هؤلاء لما انتهينا الى خير , كل هذا والمسلمين على رؤوسهم الطير وتستمر التبريرات لأمثال هؤلاء وغيرهم ويستمر منهج الغدر والفجور عندما يصيح نجس فليحكم بنا كتاب الله بعد أن رأى الهزيمة رؤية العين , ولكن تبقى كلمة خالدة لذاك الأمير بقوله " انها كلمة حق يراد بها باطل " ويستمر الغدر والفجور والأمير يقول " والله ما بمعاوية أدهى مني ولكنّه يغدر ويفجر " , نعم ويسشتهد الأمير ويأتي بعده كريم أهل البيت ويصالح حتى يبيّن للعالم أجمع منهج الغدر الذي ينتهجه معاوية فبعد ان تم الصلح خطب الأخير وقال " ان هذه شروط الحسن أضعها تحت قدمي " ويستمر نهج الغدر حتى يصل الى شارب الخمور وراكب الفجور قاتل النفس المحترمة و " مثل الحسين لا يبايع مثله " فتصل النوبة الى حد السيف فتصدح كلمة جلجلت الكون "ألا انّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين , بين السلّة والذّلة وهيهات منا الذلّة " .
فالامام الحسين عليه السلام أحدث صدمة وهزّة كبرى في كيان المجتمع الاسلامي خصوصا والمجتمع الانساني عموما ووضع حدا لهذا المنهج البائس بتقديم كل ما يملك من مال ونفس وولد وعرض .
ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حارب نهج الغدر لكنّهم لم يستطيعوا أن يغدروا به في حياته بشكل واضح ولكن بعد استشهاده غدروا بعترته ومن ينسى قول الخاتم " ان الأمّة سوف تغدر بك يا علي " .!
بعد كل هذا وتريدون أن لا يخرج الامام الحسين وبعد هذا تعلمون معنى " الحسين مني وأنا من حسين " . بل تعلمون صدق المقولة ( الاسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء ) بل يقول أحد العلماء ( الاسلام محمدي وحسيني الوجود وحسينيّ البقاء ) , بل ويصدق القول ( أن الحسين قدم كل ما يملك لله سبحانه , فحقا على الله سبحانه أن يقدم للحسين كل ما يملك ) .
السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم , السلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى العقيلة زينب أخت الحسين وعلى أبي الفضل العباس ورحمة الله وبركاته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق