الخلل في الكويت هو في الدستور والديموقراطيّة معا , فدستورنا عبارة عن خليط بين الدولة المدنيّة ( العلمانيّة ) كون الدولة المدنيّة هي ضمن تعريف الدولة العلمانيّة و الدولة الاسلاميّة التي تحتكم الى الشريعة الاسلاميّة علاوة على ذلك أن ديموقراطيتنا ليست ديموقراطيّة أحزاب والحزب الفائز يكوّن حكومة بمعنى أنها ليست ديموقراطية ذات طابع ( ملكي دستوري ) أو امارة دستوريّة .
هذا الخليط يصب في مصلحة مؤسسة الحكم فقط ؟! نعم فنحن دولة مدنيّة دينيّة ( أبويّة ) , ثلاثية الأبعاد ان صّح التعبير والأب الحاكم هو الحاكم من أسرة آل الصباح فمتى ما مال الحاكم نحو المدنيّة تصبح الدولة مدنيّة ومتى ما مال الحاكم نحو الدينية صارت الدولة دينيّة , والمجلس - أيّ مجلس الامة الكويتي - ما هو الا أداة تنفذ أوامر السلطة الأبويّة .
الحاصل في الكويت أن السلطة الأبويّة للحاكم اختارت شخصيّة الشيخ ناصر المحمد فتكوّن لدينا فريقين الأول يرى هذه السلطة الأبويّة والآخر رفض اختيار السلطة الأبويّة - سواء بمبررات دستوريّة أو شخصيّة لا يهم - المهم أن الانقسام حاصل , هذا الانقسام أدى الى تصادم بين الفريقين والأغلبيّة مع اختيار الحاكم .
الآن كل ما يجري هو متفرّع عن هذا الانقسام والمواطن البسيط يقف في الوسط فلو أراد أن يراجع تاريخ المعارضة والموالاة يجد أن الموالي اليوم كان من أشد المعارضين والمعارض كان من أشد الموالين , ولو أردنا أن نخوض بشكل مفصّل سوف ندخل في متاهات الطائفيّة والقبليّة والانتماءات والاحزاب والتكتلات .
لكن هذا لا يمنع من الاشارة الى ( عدم وجود موازين ) لدى المعارضة والموالاة سوى ما ذكرناه سابقا من سبب الانقسام , فالمعارضة الحالية كانت مرتميّة في أحضان الحكومة منذ أكثر من ثلاث عقود سوى اثنين أو ثلاث أما الموالاة ففيها من عارض الحكومة بنفس المدة المعيّنة .
ولكي نحدد أكثر فمن يمثّل وجه المعارضة الحاليّة هو أحمد السعدون ومسلم البراك أما باقي المعارضة الحاليّة فقد مثلّوا الامة اما بـ ( الفرعي أو بالاطروحات الطائفية ) ومن لديه غير ما نقول فليقدم دليله , الآن ولديّ هذه المعارضة ( المخالفة للقانون أصلا ) في أصل وجودها في المجلس هل أؤيدها أو أعارضها ؟!
ربما يتساءل البعض أين التيار الوطني ؟! أقول أن التيار الوطني يلعب على التناقضات فهو بالأمس مع الحكومة ثم ضدها ثم معها ثم ضدها وهكذا وصار معها مؤخرا لعزل الشيخ أحمد الفهد بالنهاية لا يعتبر التيار الوطني معارضة ( بشكل مطلق ) كالاسماء التي ذكرتها أعلاه .
اذا كانت هذه المعارضة فهل أقف معها ؟! ( انسى الموضوع ) .
نأتي للموالاة الحاليّة التي يمثلها علي الراشد قبل أن يصبح وزيرا والسيد حسين القلاف الذي يستحي أن يقول أنه يمثلها ولكنّه يقول أني أدافع عن اختيار الأمير وقدم استقالته لأنّه اتهم بأنه محامي الحكومة - المحصلّة أنه في خط الموالاة - وباقي الموالاة هم في الأغلب من القبائل التي كانت وما زالت مع الحكومة و الشيعة باستثناء الدكتور حسن جوهر والأعضاء الجدد وجاسم الخرافي .
فهل أقف معها ؟! ( انسى الموضوع ) .
هناك موقف ثالث انفرد فيه الدكتور حسن جوهر وبصراحة مسك العصا من الوسط فهو لا الى هؤلاء ( مطلقا ) ولا الى هؤلاء ( مطلقا ) فهل اقف معه ؟! ( انسى الموضوع )
لأنه في الحقيقة يتعامل مع الأمور بجزئياتها فكل موقف يتعامل معه بما هو هو والمراد الأمور الكليّة فهل أنت مع اختيار الأمير أو ضدّه ؟! نعم هذه الفرضيّة لو أردنا أن نناقشها - انت مع اختيار الحاكم او لا- ربما نفندها لكننا شئنا أم أبينا هي سبب الانقسام وكل الجزئيات التي يتعامل معها الدكتور حسن هي متفرّعة عن هذا السبب فهو تارة يكون مع الموالاة وتارة مع المعارضة - سواء كانت المسألة وفق مبادؤه أو أيّ مبررات أخرى - .
نهاية وقد عرفنا أن دستورنا وديموقراطيتنا هما سبب الخلل في الكويت وكلاهما يصبان في مصلحة السلطة الأبويّة وبالتالي تكوّن لدينا انقسام قسّم أعضاء مجلس الأمةّ الى موالاة مع اختيار الحاكم ومعارضة ضد اختيار الحاكم وطرف ثالث يتعامل مع الأمور بجزئياتها لا كليّاتها نعرف أن كل ما يجري في الساحة هو عبارة مشاكل متفرّعة من هذا الانقسام , فلو أعطيتني أيّ جزئيّة وقلت لي هذا الاستجواب ما رأيك فيه وهذه الاحالة ما رأيك فيها وهذا الموقف ما رأيك فيه أقول لك هذا هو المعيار الأساسي لقياس الأمور في الفترة الحاليّة .
والمستفيد الأول من هذا كلّه من يلعب على المتناقضات فنحن في فوضى خلقها لنا الدستور والديموقراطيّة فأيّن الخلاص ودستورنا وديموقراطيتنا هما الخصم والحكم في نفس الوقت والقاضي ليس الشعب بل الحاكم !
فتأمّل ..
فتأمّل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق