الجمعة، 7 أغسطس 2009

مفهوم الانسان من وجه

ان علماء المنطق والفلسفة , تحيروا بهذا الانسان فحتى عندما أرادوا أن يعرّفوه ويشخصوه لم يستطيعوا , بل ذهبوا الى أقرب مشخصات تدّل عليه وان كانت من باب الأعراض ؟!

قال الفلاسفة ان المفهوم الذي يدل على الانسان هو أنه جسم نامي حساس متحرك بالارادة عاقل وبعبارة أخرى حيوان ناطق , فالحيوانية من أنه ( جسم نامي حساس متحرك بالارادة ) وأما الناطقية من كونه ( عاقل ) والنطق هنا ليس بمعنى النطق الظاهري بل بمعنى التعقل والتفكر , ولقد شخص الفلاسفة الانسان حسب هذا التعريف .

 من جانب أخر قال جملة من الفلاسفة " الغربيين والاسلاميّين " أن تشخيص الموجودات الواقيّعة يكون عن طريق الأعراض التي تعرض عليها , فعندما نريد أن نشخصّ أحمد فنقول هو الذي ولد في يوم كذا , وطوله كذا , ولونه كذا ... قالوا بأن كل هذه الأعراض عبارة عن مشخصات للانسان واختلافه عن خالد ..

هذا بالنسبة للمفهوم والمشخصات وتجدر الاشارة الى أن المشخصات غير المميزات , فما يميّز شي عن غيره , غير ما يشخص شي عن غيره , فالتشخيص يلحظ أصل الشي أما التميز يلحظ ذات وجزء ذات الشئ , وبعبارة أسهل ان التشخيص ينظر الى أصالة الأشياء أما التميز يلحظ ماهيات الأشياء .

لقد اختلفت مدرسة الحكمة المتعالية لصدر المتألهين مع هذه النظرية بأن ما ( يشخص الشي هو الأعراض ) وقالت كيف أننا نشخص أصالة الموجودات بالأعراض وهي مفتقرة أساسا كونها أعراض , بل أن الأصيل لا يشخص بغير الأصيل وكما هو معلوم أن الأعراض غير أصيلة كونها تعرض على الموجود لا تقوم حقيقته . وقالت مدرسة الحكمة المتعاليّة أن ما يشخص الموجود هو أصل وجوده كموجود , فالانسان لا يشخصه العرض واستدلوا بذلك أنه لو سألنا الفلاسفة أنكم يا فلاسفة تقولون أن الأعراض هي ما تميّز الموجود الأصيل , وبنفس الوقت تقولون بأن الأعراض مفتقرة ولا تقوم أساس الشي ؟ هذا مناف للعقلانية والمنطقيّة !

بل لو سألنا الفلاسفة ما هو تعريف الانسان ؟ لقالوا ( حيوان ناطق ) قلنا لهم أن الحيوانيّة جنس مشترك بين الانسان وغيره , وأن ما يشخصه هو الناطقيّة , ولو أخذنا الناطقية من ناحيتين , أن النطق هنا هو الكلام , أو أن النطق هو التفكر والتعقل ( العلم ) , فنقول لكم أن النطق عارض على الانسان وليس شيئا في أصل وجوده , كذلك أن العلم عارض على الانسان وليس أصيل فيه , والعرض مفتقر لتقويم أساس الشي , فقولكم بأن ( العرض مشخص ) باطل , فالمشخص الأساسي هو ( أصل وجود الشي ) , بل حتى عندما ذهبت المدرستان الى الوصول ( لأصل وجود الأشياء ) وخاصة الانسان عجزوا عنها , فذهبوا الى أضعف الايمان وهو تعريف الانسان بالأعراض .

هذا ما أردنا بيانه من تعريف الانسان , بأن حقيقة الانسان ( مجهولة ) حتى الآن وما تعريفها الا بأقرب مشخصاتها من الأعراض فالعقل يستحيل عليه أن يعرّف الانسان كــ ( موجود ) . قال تعالى " ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شي جدلا " الكهف 53 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق