الاثنين، 3 أغسطس 2009

فلسفة الاسلام ..

ربما أوّل اشكال يكون على العنوان وهو هل للاسلام فلسفة ؟
فيكون الجواب من مفهوم الفلسفة المطروح فمعنى الفلسفة هو محبة الحكمة .. وكل انسان فيلسوف وكل فيلسوف لديه فلسفة خاصة فيه فتكون القاعدة التي ينطلق منها , وتجدر الاشارة الى أن الفلسفة على نحوين نظري وعملي , فالفلسفة النظرية هي عبارة عن تلك النظريات والمعلومات والأفكار التي يعتقد بها الشخص وينطلق من خلالها الى العمل أو قل بعبارة أسهل هي قواعد وأسس الطريق أما الفلسفة العمليّة فهي ما انتهى به تعريف الأولى , فهي العمل وفق ذاك النهج وتطبيق الأسس والقواعد عمليّا .. 


بعد بيان الفلسفة النظرية والعمليّة ننتقل الى الطرق التي انتهجها الفلاسفة في تبيان توجهاتهم , فأشهر طريقين هما الاشراق والاستدلال فلا تخلو حكمة من هذين الطريقين , أما الاشراق هو تهذيب النفس حتى وصولها الى معرفة حقائق الأشياء بالمشاهدة العينية أو القلبية , أما الاستدلال فهو طريق الأعم الأغلب من البشر ومن اسمه استدلال أيّ وضع أدلة لمعرفة حقائق الأشياء .. 


ان الاسلام أتى بفلسفة نظرية وعمليّة تجعل الانسان يسير في المسار الصحيح , فنظرياّ أعطته القواعد العامة وعمليّا أعطته كيفية تطبيقها بتجسيد حيّ من قبل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته الكرام .. فالاسلام رسم خط سير للبشريّة , لكن أبى الانسان الى أن يكون له خط سير مستقل , وبعد وضع فلسفات خاصة به يتوصل الى أن الاسلام هو صاحب السبق بتكون فلسفة سليمة صحيحة , متينة الأسس والقواعد صالحة لكل زمان ومكان , أو كما يعبر عنها أهل الفقه صالحة لكل زمكان ..


 ظهرت في الآونة الأخيرة نظريات تنبّه على أن الفلسفة ما هي الا دخيلة على الاسلام ولا توافق القرآن والسنة النبوية الشريفة , وغفل أصحابها على أن الفلسفة هي كما أشرنا اليه أعلاه .. فان كانت المسألة بالمفهوم , فالاسلام يقرر ذلك المفهوم , أما وان كانت بالمصداق فنعم تختلف المصاديق .. فالاسلام له فلسفة خاصة , وغيره كوّن له فلسفة خاصة , وربما ما يميّز حكمة الاسلام عن غيره أن حكمته - فسلفته - صالحة لكل زمكان كما أشرنا , أما الفلسفات الآخرى تكون صالحة لمكان وزمان معيّنين .. وتزول بمجرّد زوال المؤثر والمسيطر عليها .. ولنا في فلسفة الشيوعيّة تجربة حيث ان المثير كان هو الاتحاد السوفيتي , وجرى تطبيقها واتباعها بشكل واسع النطاق الا أنها زالت بمجرّد زوال مؤثرها مع زمانها المعيّن ومكانها المعيّن ..


 هكذا هي الفلسفات عدا فلسفة الاسلام , الباقيّة ما بقي الدهر .. لشمولها وكمالها ومرونتها , لا تستطيع فلسفة التغلب عليها .. وبما أننا تطرقنا الى الدليل الزمكاني والمرن , وجب ان نتطرق الى الشمول والكمال , فالاسلام بشموليته أعطى حلولا لجميع الأمور التي يحتاجها الانسان .. فالانسان دائما ما يتساءل عن أمور ثلاث , من خلقني ؟ وما دوري في الحياة ؟ والى أين سأذهب ؟ ويجيب الاسلام عن جميع ذلك .. فمن خلقه يقدم له الجواب , بأن الله سبحانه وتعالى خلقه , وما دوره في الحياة فهذا ما يبيّنه الاسلام بأنه يريد منه العبوديّة الخالصة لله سبحانه وتعالى وتسبقها معرفته فضلا عن تعميره لهذا الكون البديع , أما سؤال الى أين سأذهب فهذا مبدأ الميعاد لا يختلف عليه اثنان ..


 أما في كمال الاسلام فهو يكمّل حياة الانسان الناقصة , فالانسان دائما ما يسعى للكمال حتى لو كان عن طريق القهر والغلبة , لكن وضع الاسلام للانسان فلسفة كماليّة خاصة تجعله يصل الى الكمال دون الحاجة للافساد بالأرض , بل يوصله الى الكمال بتحقيقه العبودية والاعمار معا .. فما أعظم فلسفتك يا اسلام .. والعظمة تكمن بأن من أتى بهذا النهج هو الخالق جل وعلا ..


 استدراك ..


 قاعدة منطقيّة على أن المفهوم لا يمتنع فرض صدقه على كثير .. لبيان هذه القاعدة نعرّف المفهوم والمصداق فتتوضح المسألة , ان المفهوم هو المعنى والمصداق هو الحاكي لهذا المعنى , فهو كالمرآة تحكي عن المعنى .. لكن لو أتينا الى المفهوم بحد ذاته فلا يمتنع فرض صدقه على كثير يعني أننا لو أردنا أن نطلق مفاهيم ونعبرّ عنها بمعاني معيّنة لكان ذلك جائزا .. فلو قلنا أن ماهي مصاديق مفهوم الانسان , لكانت أنها زيد وعمرو وخالد .. لكن هذه المصاديق يمتنع فرض صدقها على كثير , حيث اننا لا نستطيع ان نقول زيد هو عمرو وخالد هو أحمد .. فالمسألة بنحو المفهوم لا يمتنع فرض صدقها على كثير أيّ يمكن أن تنطبق على أكر من مصداق , أما المصداق فيستحيل أن يصدق على أكثر من مفهوم .. وهذا تفسير قولنا أن للاسلام فلسفة , فنحن عندما قلنا ذلك بنحو المفهوم لا المصداق ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق