السبت، 16 أبريل 2011

مقام ضلع السماء ..



السلام عليكِ يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك , عليكِ مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله آخر العهد مني لزيارتك , الحمدلله الذي طهرنا بولايتك والحمدلله الذي منّ علينا بك وبمقامك القدسي العظيم , تقف العقول مذهولة أمام هذا المقام السامي والحضرة المقدسة فمهما اجتهد الانسان بالكتابة عن سيدة نساء العالمين لم يوف عشر معشار هذا المقام الجليل . 

سيدتي ومولاتي هذا مقام العبد الذليل يكتب ما يعرفه عن مقامكم وعن مظلوميتكم بما توفر لديه وتجرأ بجهله وقصوره وتقصيره ومحدوديته بالكتابة عن كمالكم فأرجو التقبل والعذر . 

سيدّة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام وجودها هو أس أساس الوجود ومن نورها خرج الخلق من العدم الى الوجود بعدما كان في حيّز الامكان , بل انظر الى قوله تعالى في الحديث القدسي " يا أحمد ! لولاك لم خلقت الأفلاك ، ولولا علي لم خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما "- كشف اللالئ  شرح الحديث-  فهي محور الوجود وضلعه الذي اذا كسر فقد كسر ضلع السماء والكون أجمع بل تمّعن بقوله تعالى في القدسي الآخر "يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السموات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار " - سفينة البحار ج2 ص375- 

بل ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " خلق الله نور فاطمة ( عليها السلام ) قبل أن يخلق الأرض والسماء ، فقال بعض الناس : يا نبي الله فليست هي إنسيّة؟ فقال (ص) : فاطمة حوراءُ إنسيّة ، قالوا : يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسيّة؟ قال : خلقها الله عزوجل من نوره قبل أن يخلق آدم ، إذ كانت الأرواح ، فلما خلق الله عزوجل آدم عُرضت عليه.. قيل : يا نبي الله وأين كانت فاطمة؟ قال : كانت في حقّة تحت ساق العرش. قالوا : يا نبي الله فما كان طعامها؟ قال ((ص)): التسبيح والتهليل والتحميد ، فلما خلق الله عزوجل آدم وأخرجني من صلبه أحب الله عزوجل أن يخرجها من صلبي ، جعلها تفّاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل ((ع)) فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، يا محمد! قلت : وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل . فقال : يا محمد إن ربك يُقرؤك السلام . قلت : منه السلام واليه يعود السلام . قال : يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عزوجل إليك من الجنة. فأخذتها وضممتها إلى صدري ، قال : يا محمد يقول الله جل جلاله كلها ، ففلقتها.. فرأيت نوراً ساطعاً ففزعت منه. فقال : يا محمد مالك لا تأكل؟ كلها ولا تخف فإن ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة. قلت : حبيبي جبرئيل ولم سميت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال : سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبها ، وهي في السماء المنصورة وذلك قول الله عزوجل : ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ) - معاني الأخبار للصدوق ص369- .

لما خلق الله سبحانه وتعالى فاطمة قال لملائكته بعد أن سألوه عن نورها صلوات ربي عليها "  فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر ، الذي قد أشرقت به السموات والأرض ؟ فأوحى الله إليها : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليّي وأخو نبيّي وأبو حججي على عبادي ، أُشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة " - تأويل الآيات ج1 ص139 -

وجودها هو تجسيد لأسماء الله وصفاته وازداد التجسيد باستحالة انفكاك رضاها عن رضا الله سبحانه وتعالى وتخلّفه , بل " يرضى الله لرضى فاطمة ويغضب لغضبها " فلو رضيت فاطمة عن شئ اعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى رضي عنه وان غضبت على شئ فاعلم علم اليقين بل عين اليقين أن الله سبحانه غضب عليه . 

بعد أن كانت فاطمة كذلك فهي ( حجة الله على خلقه عدا أبيها وزوجها ) فقال العسكري "  نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة الله علينا " - تفسير أطيب البيان ج3 ص226- , أختم بمقامات الزهراء عليها السلام ما لها يوم القيامة من شأن عظيم حتى نبيّن مظلوميتها صلوات ربي وسلامه عليها . 

 ورد عن الباقر عليه السلام في حديث يسمى بحديث الشفاعة نقتبس منه الشواهد " يقول الله تبارك وتعالى : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟ فيقول محمد وعلي والحسن والحسين : لله الواحد القهار .. فيقول الله تعالى : يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة ، يا أهل الجمع طأطؤا الرؤوس وغضوا الابصار فان هذه فاطمة تسير إلى الجنة فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت فيقول الله عزوجل : يا بنت حبيبي ، ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي ؟ فتقول : يا رب ! أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم ، فيقول الله : يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك أو لأحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه الجنة . 



قال أبو جعفر عليه السلام ـ والله ـ يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء . فاذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا فيقول الله عز وجل : يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟ فيقولون : يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم ؛ فيقول الله : يا أحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة انظروا من كساكم لحب فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حب فاطمة ، خذوا بيده وأدخلوه الجنة . قال أبو جعفر عليه السلام : ـ والله ـ لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات ، نادوا كما قال الله تعالى : ( فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم ) فيقولون : ( فلو أنّ لنا كرة فنكون من المؤمنين ) .قال أبو جعفر عليه السلام : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا ( ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون ) - البحار ج43 ص65-  . 


العذر كل العذر لأني لم أسترسل بمقام القديسة فاطمة الزكيّة الحوراء الانسيّة لكن أعد باكمال ما أعرفه من مقامها صلوات ربي وسلامه عليها مع التقصير الشديد وكما قلنا مهما اجتهد الانسان - أيّ انسان عدا المعصوم - ببيان فضلها لاعتبر ذلك تقصيرا بل لم يعرف كيف يصفها سوى بقول المعصوم . 

ظلامات الزهراء عليها افضل الصلاة والسلام أقل من أن تحصى وتجمع كما فضائلها وأول مظلمة لها هي ( الجهل بمقامها ) بعناد وشك , والظلامات الأخرى وردت بتواتر قطعي الصدور من احراق ودخول على بيتها وكسر ضلعها ولطم خدها واسقاط جنينها وغصب حقها وحق زوجها عليه الصلاة والسلام . 

قد حاول المبطلون اخفاء معالم هذه الظلامات لكنهم لم يستطيعوا بل أكبر شاهد تاريخي على ظلامتها هو اخفاء قبرها فأسألكم أين قبرها ؟ 

أما بالنسبة لمناقشة ظلاماتها عليها السلام لقد أعددت ملف قسمّته الى ثلاث أبواب : 
1- تواتر ظلامات الزهراء عليها السلام وكسر ضلعها .. 
2- تواتر خطبتها الفدكيّة 
3- أقوال العلماء بظلامات الزهراء 

وأسميته ( تواتر كسر الضلع ) لمن أراد تحميله لأنه سوف يأخذ الكثير من الوقت في طرحه ومناقشته معا , فنحن سوف نناقش بعض الروايات دون الاسهاب بتبيان التواتر الذي اختصرنا الطريق ووضعناه بملف خاص . 

وسوف أخصص مقالات متتالية لمناقشة ظلامات سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ( 1/10 ) سوف أبدأ بها الاسبوع القادم . 

السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء الليلة ليلة استشهاد الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فنعزي صاحب العصر والزمان والمراجع العظام والامة الاسلاميّة بهذا المصاب الجلل . 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق