المنبر الحسيني انقسمت فيه الخطابة الى أنواع متعددة كالخطابة التي تعتمد على الرثاء المحض ( النعي ) وأخرى تعتمد على المادة العلميّة المقدّمة والنوع الثالث هو الخطابة التي تعتمد على الطرح العاطفي الذي يلامس شعور المتلقي وهو أقرب للعلاج النفسي المؤقت وهناك نوع رابع يعتمد على الخطابة الحماسيّة التي تبث في الجمهور شحنات ولائيّة تجعله يندفع باتجاه المنبر اندفاعا قهريا كما تجعله مستعدا لاستقبال أيّ شئ ومهما كان , وهذا التعدد صحيّ في الحقيقة وايجابي يجعل المتلقي في ساحة اختيار بين ما يناسب ميوله واتجاهاته .
![]() |
السيد جاسم الطويرجاوي |
أما الخطابة التي تعتمد على الرثاء المحض فاشتهر بها السيد جاسم الطويرجاوي , فله قدرة عجيبة على ادخالك الأجواء العاشوريّة ويجعلك تصاب بحالة بكاء لاشعوريّة وتارة أخرى هستيريّة , مضافا الى صوته الجميل وطريقة القائه الرائعة لديه قدرة عجيبة على الحفظ فهو يحفظ ثلثي خطب نهج البلاغة والكثير من الأشعار والأبوذيات .
![]() |
السيد منير الخباز |
النوع الآخر من الخطابة الذي يعتمد على المادة العلميّة المقدمة , وحقيقة هذه هي المشكلة التي نعاني منها في مجتمعاتنا والخطباء اصحاب هذا النفس قلّة قليلة والكل اشتكى وما زال يشتكي من عدم ظهور خطيب من نوع المرحوم الشيخ أحمد الوائلي , لكن المنبر الحسيني أنجب من هو أفضل من الشيخ المرحوم ألا وهو السيد منير الخباز حفظه الله وبالمناسبة هو مجتهد وتحصيله الحوزوي في شتى المجالات أعلى وأغنى من غيره من الخطباء .
![]() |
الشيخ حبيب الكاظمي |
النوع الثالث وهي الخطابة التي تعتمد على ملامسة العاطفة وتحريكها الى الهدف المنشود من الرسالة المقدمة ونعم فيها اعتماد كبير على علم النفس والعلاج النفسي وتتسم بالطرح الهادئ حتى تصل الرسالة لقلب المتلقي دون تشنّج وعصبيّة كما تعتمد على القصص والمواعظ النادرة التي يكون أصحابها بشر عاديون ليسوا بمعصومين ولا هم بأهل التزام ديني قوي وهذه اشتهر بها الشيخ حبيب الكاظمي .
![]() |
السيد محمد باقر الفالي |
النوع الأخير حسب استقرائي الناقص هو الخطابة التي تعتمد على الالقاء الحماسي والصوت العالي الذي كما أسلفنا يعطي المتلقي شحنات عالية تجعله مندفعا نحو الفكرة المطروحة وتارة متعصبا لها , كما أنها تعتمد على مواعظ عاديّة أو ممكن القول اعتياديّة لكن طريقة القاؤها بصوت عالي وبعصبيّة تستفز مشاعر المتلقي حتى يندفع اليها ويتبناها بقوّة واشتهر بها السيد محمد باقر الفالي.
كما قلنا أن هذا الاختلاف صحيّ أو بما يسمى باختلاف نوعي ايجابي لا اختلاف ضديّ سلبي يخالف بعضه بعضا انما هو اختلاف ذوقي متعدد يعتمد على ذوق المتلقي وميوله واتجاهاته حتى يشبعها , فلو أردنا أن نقول أن هناك سلبيات وايجابيات وجب وضع ميزان أو معيار حتى نقيس عليه , ولأن قضيّة عاشوراء جمعت بين العاطفة والعقل ومعيارها هو هذا فلا ضير في أن يتبنى خطيب الطريق العاطفي لعاشوراء وآخر الطريق العقلي , لكن كلّهم يتفقون على أن عاشوراء مزج بين الدمعة والمبدأ وكل حسب اجتهاده يوصل هذه الرسالة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق