تطبيقات الدراسة على أرض الواقع
قبل أن نشرع ببيان كيف طبقوا المنهج الذي اعتمدوه وجب أن نتعرض لملخص الدراسة حتى تتسلسل لديك الأفكار وتتضح لك المسألة.
نلخص الدراسة بمسائل خمس ..
المسألة الأولى : نسبة الشافعية وعلم الأصول
نسبة الشافعية للشيخ الطوسي جاءت من المخالفين بعد وفاة الشيخ ب200 عام وتصطدم بترجمة معاصري الشيخ وإجماع علماء الإمامية وهذه التهمة أريد البناء عليها بنسبة أخرى أيضا خرجت من المخالفين وهي أن أول من أسس علم الأصول هو الشافعي وبيّنا فسادها بأن علم الأصول أسسه الأئمة صلوت الله وسلامه عليهم ولك أن تلاحظ القياس الذي بنوا عليه بهذا الشكل المختصر :
الطوسي شافعي ( بقول من المخالفين )
الشافعي مؤسس علم الأصول ( بقول من المخالفين )
الطوسي أدخل علم الأصول إلى التراث الإمامية وأفسده وعلماء الطائفة تابعوه وخربوا طريقة أهل البيت عليهم السلام , ثم بعد ذلك يتهمون علماء الإمامية أنهم أخذوا مقدماتهم من المخالفين وقياسهم من أساسه مبني على قول المخالفين واتهاماتهم فاعجب ما عشت أراك الدهر عجبا .
المسألة الثانية : القرآن الكريم
الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم ناظرة إلى مقامين الأول اختصاص أهل البيت عليهم السلام بالتفسير والتأويل والثاني الدعوة إلى التفكر والتدبر والعمل بظواهر القرآن لأن الحكيم في مقام البيان والتفهيم كلامه حجة , ومقدار الاستفادة من الظواهر هي الآيات الصريحة المحكمة الدلالة والآيات المجملة الدلالة , أما المتشابهة فممنوع العمل بها دون نص .
المسألة الثالثة : العقل
العقل لا يؤسس ولا ينشأ حكما شرعيا بل هو طريق كاشف وموصل للحكم الشرعي وحجيته بهذا المقدار والروايات الواردة في ذمه ناظرة الى من يستعمل عقله لتأسيس الأحكام الشرعية واكتشاف عللها الواقعية دون نص .
المسألة الرابعة : القياس والظن والاجتهاد
هذه المسائل متفرعة عن مبحث العقل فالقياس ممنوع العمل به وقد استخدمه العامة لتأسيس أحكام شرعية ونسبتها إلى الشريعة الإسلامية و لمعرفة علل الأحكام دون بيان من القرآن والعترة.
الظن المعمول به هو الظن المعتبر الذي نص عليه القرآن والعترة واعتبراه حجة على العباد فخبر الثقة ظني لكونه صدر عن غير معصوم لكن المعصوم اعتبره وجعله حجة , بل جاء في بيانات أهل البيت عليهم السلام الأخذ بقول ( الأعدل والأورع ) والعدالة والورع من شؤون القلب التي لا يستطيع أحد الاطلاع عليها إلا الله سبحانه والشهداء على خلقه , أما عموم الناس فلهم الظاهر مع هذا فالأئمة عليهم السلام جعلوا هذا المعيار حجة على العباد والعلماء ألحقوا هذا الظن بالقطع كونه معتبر شرعا.
قول الفقيه حجة ( الفقيه غير معصوم , والمعصوم اعتبر قوله حجة )
الفقيه يعمل بالظن ( الفقيه يعمل بالظن المعتبر الذي اعتبره المعصوم حجة بنص )
قول الفقيه العامل بالظن حجة
الاجتهاد وهو متفرع عن الظن والاجتهاد المعمول به هو اجتهاد في الأدلة الشرعية عن مصدرها القرآن والعترة واستفراغ الوسع في تحصيل الحكم الشرعي المنجز والمعذر الوارد من الشريعة.
المسألة الخامسة : علم الرجال
وضعنا فوائده في الدراسة فراجع
هذه المباحث التي بنوا عليها وأسسوا لها وللإنصاف هذه كلها تؤدي إلى تشكيك العوام وللإنصاف أن كل من له اطلاع أولي على كتب العلماء يستطيع الرد عليها لكن هذا الاطلاع تخصصي والعوام لا شأن لهم بالتخصص واقحامهم بهذا الأمر يسبب لهم التشكيك .
تطبيقات أصحاب المنهج على الأرض:
اعلم أن الأدوات التي استخدموها في تعزيز هذه التشكيكات التي سقناها في الدراسة أبرزها مسائل ثلاث :
الشهادة الثالثة
إباحة الخمس
المسائل الفقهية المختلف فيها
هذه المسائل استخدمت لتثبت المنهج الذي تناولناه بالدراسة ومن المعلوم أنها خاضعة لعلم الأصول واجتهاد الفقهاء , لكن العوام بمجرد أن تنقل لهم رواية " وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا " وتقول لهم الفقيه يقول الخمس واجب حتى يحصل التعارض في عقل العامي وتعرض له الشبهة ثم لو تقول للعامي أن أشهد أن عليا ولي الله مبطلة للصلاة ! حتى تهيج عاطفته بشكل عنيف وتزيد هذا التهيج بقولك إن العلماء الذين قالوا بأن الشهادة الثالثة باطلة هم أنفسهم الذين قالوا أن دم المعصوم نجس ! بهذا يزداد حنق العامي فيحصل له القبول لكل ما يقال له , ثم أضافوا تدريجيا شواهد لا قيمة لها كقولهم يجب على الفقيه أن يقول كذا ولا يقول كذا و كقولهم يحكى ويقال وأنا عاصرت وأنا رأيت , فهم نقلوا المسألة إلى الثقة بمن نورنهم وبصرهم وبيّن لهم سقطات العلماء , وإذا حصل عند العامي الثقة بقولهم صار من السهل اتهام العلماء بالسرقة و الزنا واللواط وهو ما أدرجوا له حلقات !
فالذي طبع بذهن العامي هو أن علماء الإمامية أخذوا دينهم من المخالفين وتعدوا على مقامات أهل البيت عليهم السلام وعارضوا بياناتهم معارضات صريحة وواضحة , فمن كان هذا شأنه من الطبيعي أن يسرق الخمس ويستحل الفروج ويخرب الدين فتثبت الشبهة ويرتكز الشك .
الهدف الرئيس من هذا المنهج هو إسقاط المرجعيّة الشيعية فالمرجعيّة تستند في قوتها على أمرين :
الفتوى
الاستقلالية المالية
فالمنهج الذي اعتمدوه هو اسقاط اعتبار العلماء بالجملة فلا حجية لفتوى ولا استقلالية مالية وهذا التسقيط إذا ما تتبعت مريديه تجدهم لا يريدون للشيعة خير , وهذا موجب للشك باطروحاتهم وأصحاب هذا المنهج بحسب التتبع الشخصي على أقسام فمنهم من لديه القدرة على استخراج الشواهد من الكتب ولنا وقفة مع هذا القسم :
يتبين لك بعد المتابعة لما يطرحون تجدهم يتناقضون في اطروحاتهم وهذا يكشف أن فريق إعداد الشواهد المراد عرضها هو المتحكم بالأمور , فلا يعقل أن نفس الشخص يطرح قولا ثم بعد أيام أو أشهر يغيره ويقول بخلافه تماما ولو أردنا الإغماض عن هذا نقول أن العارض للشواهد هو يقرأ شاهدا ويفهم منه شيء وبعد أن يقرأ أكثر يكتشف أخطاءه ويعرض عنها ويبدلها وفي الحالتين هو يشكك المشاهد العامي .
ومنهم من لديه القدرة المالية الهائلة على تأسيس قنوات تلفزيونية وطباعة الكتب والمنشورات ومنهم تابع لهم بما يتوفر لديه من امكانات كقناة في اليوتيوب أو مجموعة في برامج التواصل الاجتماعي وأزعم أن كثيرا منهم يعانون من ردات فعل عنيفة سواء تجاه نمط تربيتهم أو تجاه التطبيقات العملية في الحياة من المعممين كانوا من الخطباء أو غيرهم كأئمة الجماعة أو رموز لتيارات وأحزاب , والأكثر منهم الجهلة العوام الذين قالوا لهم أن الدين هو التوجه رأسا للروايات واستنباط الأحكام الشرعية دون الحاجة إلى أي علوم أخرى وهو ما يناسب شأن العامي الرامي إلى السهل الممتنع دون تكلّف وتفكر .
وللحديث بقية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق