ان للكفر أنواع شتى اختزلها العرف بالكفر بالله تعالى , فأصبح المشهد مقززا فمن يقول هذا كفر , أو أنت كافر يذهب الذهن الى معنى الخروج من ملة الاسلام , ربما لكثرة استخدامها لم نعد نفرّق بينها وبين أنواعها .. فصارت الكلمة منتشرة انتشارا رهيبا وأصبحت ثقافة تحكى ويحكى عنها ..
هذه الثقافة وان كان منشؤها قرآني صرف , تم استخدامها بشكل يندى له الجبين .. ؟!
لكي نؤسس لهذه الثقافة نبحثها من حيث دلالتها اللغوية ثم كيفيّة استخدامها حتى يتبين للجميع كيف أن المسار الذي اتخذه المجتمع خاطئ بل باطل .. بقول أرباب اللغة في معنى هذه الكلمة .. الكفر كلمة تعني الجحود والنكران , والقرآن الكريم قد وظّف هذا المعنى بشكل عام ..
فقد قال أن من لايؤمن بالله تعالى كافر , ومن يجحد النعمة التي بين يديه كافر , ومن يتبع الضلال كافر , ومن أسلم ثم ارتد كافر , ومن أنكر ضرورة من ضروريات الدين كافر , ومن ينتقص من الدين كافر , ومن يكذّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافر , ومن يعاند الدين كافر , ومن لا يصلي كافر , ومن يخالف ملة الاسلام كافر سواء بقلبه أو بعمله .. كل هذه المواقف التي يؤصلها القرآن الكريم , لا تجعل أي انسان مسلم لو أردنا أن نطبقها كما هي دون أن نعلم ما هو الكفر وما أنواعه ودلالاته وأحكامه ..
ولكي نهذّب المسألة نذكر معنى الكافر وأنواع الكفر بشكل يسير حتى نخرج بمحصلة جيدة :
معنى الكافر :
" النوع الأول " الكافر : هو من ينكر أو يشك في وجود الله أو وحدانيته أو نبوة النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، أو المعاد يوم القيامة ، أو ضرورة من ضروريات الدين .
الكافر أصلا : الذي لم يسلم أبدا .
الكافر بالتبعية : بسبب الانتماء وكونه تابعا ، ككفر الطفل الذي أبواه كافران .
الكافر الحربي : من لا كتاب له ، ولا شبهة كتاب .
الكافر الذمي : الكتابي الذي يعيش في بلاد المسلمين ملتزما بشرائط ( شروط ) الذمة .
الكافر المرتد : من أسلم ثم كفر .
أنواع الكفر :
1- كفر الانكار : وهو أن يكفر بقلبه ولسانه فلا يعتقد الحق ولا يقر به .
2- كفر العناد : وهو أن يؤمن بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه وينكره بلسانه .
3- كفر النفاق : وهو أن لا يعتقد بقلبه بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه يقر به بلسانه .
4- كفر ملة : وهو أن يأتي بما يخرجه عن الاسلام من قول أو فعل أو اعتقاد .
5- كفر عمل : وهو ارتكاب المؤمن المعاصي التي لا تخرجه عن الايمان .
هلاّ نظرتم الى هذه الكلمات ومعانيها , كل هذه المعاني تم اختزالها بما سميّنها بــ " النوع الأول " , وتم ترك جميع هذه الأنواع والمعاني والمفاهيم .. بل حتى الجميع بدأ يطلق الأحكام المترتبة على " النوع الأول " دون أدنى مسؤوليّة ..
بل المسألة الأعظم هي ليس فقد اطلاق الأحكام بل ( تطبيقها ) .. !! لهذا نرى أن من الضروري فهم هذه الثقافة وكيفيّة التعامل معها بشكل سليم ..
الاختلاف الديني :
ان الله عز وجل ارتضى الاسلام دينا للناس جميعا وقال لنا بسمه تعالى : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " فمن على دين الله تعالى يتقبل منه ومن ليس كذلك فهو من الخاسرين , نعود لمسألة الاختلاف الديني الذي دائما ما يكون بين المذاهب ونطبق عليها نفس هذا المفهوم .. ان كل طائفة أو مذهب يدعيّ أنه هو من يمثل هذا الاسلام الصحيح , وهو الذي فهم النصوص بشكل صحيح وسليم لا يختلف عليه اثنان بأدلة وبراهين هو يطرحها وبالتالي يترجم هذا الادعاء الى اعتقاد جازم يعتقد أنه صحيح سليم مبنى على أسس استدلالية متينة .. بعد هذه المرحلة سوف يكون بالضرورة مقياسا واحدا لا غير .. وهو أن الاسلام هو الحق , وغيره باطل , من على الاسلام على صواب وغيره على خطأ , هو سوف يدخل جنات عدن وغيره في سقر , وهو على الايمان وغيره على كفر , وهكذا فكل المعاني الساميّة العقائدية التي أتى بها الاسلام يدعيّها وينسبها لنفسه .. فوجب بالضرورة أن كل من يدعّي أنه على الاسلام المحض غيره على الكفر المحض , فالمسألة هنا اما مسلم أو كافر " على النوع الأول بالطبع " ..
نضع الاستدلال بشكل رياضي بسيط : فلا نحتاج بعد هذا البيان الى أن نكون مكابرين على أن كل فرقة أو مذهب أو طائفة تدعي أنها على الاسلام الصحيح لا تكفرّ الفرق الآخرى لأن " الدين عند الله الإسلام " فمن يدعيّ أنه على دين الله تعالى فغيره (( بالضرورة )) على غيرها وبالتالي " لن يتقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين "
نضع الاستدلال بشكل رياضي بسيط : فلا نحتاج بعد هذا البيان الى أن نكون مكابرين على أن كل فرقة أو مذهب أو طائفة تدعي أنها على الاسلام الصحيح لا تكفرّ الفرق الآخرى لأن " الدين عند الله الإسلام " فمن يدعيّ أنه على دين الله تعالى فغيره (( بالضرورة )) على غيرها وبالتالي " لن يتقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين "
الاختلاف المنهجي :
هو ما يعبرّ عن حالة التنازع بين الطرق التي يؤخذ منها , وهذا الاختلاف لا يترتب عليه " النوع الأول " ولا أحكامه بل يترتب عليه معنى الحجود والنكران , وخلافه من أنواع الكفر التي لا يترتب عليها " الخروج من الملّة " , مثلا لو اختلفنا في أيّ أداة تصلح لحالة التدهور الحاصلة بالمجتمع أهي أخذ رأي الأغلبيّة واحترام الأقليّة أم هي السلطويّة ؟ فاني أكفر " بالسلطويّة " وجاحد بها , بل أكفر بها كفر ملّة وعناد وانكار وتبعيّة , كل أنواع الكفر السالف ذكرها لم تخرجني من " الملة " لأن الاختلاف هنا منهجي لا اختلاف ديني .
فأقل ما يقال بعد هذا البحث البسيط , أن هناك ثقافة تكفير حاصلة بالمجتمع الانساني وجب معرفة مصدرها وأنواعها وكيفيّة اصدارها كحكم ديني أو منهجي أو كليهما .
_____________
الكفر وأنواعه من معاجم اللغة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق